الخطاب التعليمي في كتاب اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان /
سيد ربيع
- طبعة خاصة
- القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2021
- 180 صفحة ؛ 30 سم
ليس بغريب أن يحظى الخطاب التعليمي النبوي باهتمام أهل البلاغة، و أن تسطر فيه الكتب و المصنفات في كل زمن، فهو من أرفع الكلام وأشرفه يزداد عطاءً وسخاءً وجمالًا كلما تقدم عليه الزمن، وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فُضّلْتُ عَلَى الأَنبِيَاءِ بِسِتْ: أُعطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِم وَنُصِرْتُ بِالرُّعبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرضُ طَهُورًا وَمَسجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الخَلقِ كَافَّةً وَخُتِمَ في النَّبِيُّونَ». وشهد على بلاغته العالية أهل العلم بي بفنون القول وطبقات الكلام فقال الجاحظ فيه: "ولم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعًا، ولا أقصد لفظًا، ولا أعدل وزنًا، ولا أجمل مذهبًا، ولا أكرم مطلبًا، ولا أحسن موقعًا ولا أسهل مخرجا، ولا أفصح معنّى ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم". ولا ريب أن الرحلة في الخطاب التعليمي النبوي نعمة من الله لا يدركها - حق الإدراك - إلا من عاش في ظلال هذا الكلام الشريف وانقطع إليه يتفيأ ظله ويتنسم عطره، ويطعم بلاغته، ويتحسس بقلبه وعقله أي كلام يسمع وأي كلام يذوق، إذ الفرق كبير بين أن يقرأ الإنسان الكلام الرفيع بلسانه وبين أن يقرأه بقلبه وعقله وكل حواسه، فالذي يقرأ باللسان لن يتردد في سمعه غير أحرف تتتابع على اللسان، والذي يقرأ بقلبه وحسه فإنه يحيا الكلام بكل حركاته كأنه يخرج للتو من في صاحبه، ولو مضى على ما يسمع أو يقرأ آلاف السنين